قال الله تعالى في سورة القصص :
وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (القصص،الآية 7)
جاء في تفسير الشوكاني لهذه الآية (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ) أي : ألهمناها وقذفنا في قلبها وليس ذلك هو الوحي الذي يوحى إلى الرسل ، وقيل : كان ذلك رؤيا في منامها ، وقيل : كان ذلك بملك أرسله الله يعلمها بذلك .
وقد أجمع العلماء على أنها لم تكن نبية ، وإنما كان إرسال الملك إليها عند من قال به على نحو تكليم الملك للأقرع والأبرص والأعمى كما في الحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما ، (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) فإذا خفت عليه من فرعون بأن يبلغ خبره إليه فألقيه في اليم وهو نهر النيل ، ولا تخافي ولا تحزني أي : لا تخافي عليه الغرق أو الضياع ، ولا تحزني لفراقه إنا رادوه إليك عن قريب على وجه تكون به نجاته وجاعلوه من المرسلين الذين نرسلهم إلى العباد .
والملفت للنظر في هذه الآية أن الله تبارك وتعالى يوحي إلى أمّ موسى ويأمرها بأنها إذا خافت على ابنها وفلذة كبدها من فرعون أن تلقيه في النيل العظيم الذي ركوبه في الأصل يثير الرعب والخوف في النفس، ويطمئنها ربنا تبارك وتعالى بأنه عز وجلّ سيرده إليها ويجعله رسولا لكي تزداد طمأنينة وقد كان .وهذا درس لكل المؤمنين عبر التاريخ والأزمان أن النجاة والطمأنينة تكمن في طاعة الله عز وجلّ حتى لو كان في ظاهرها الخوف والخطر.