الجمعة، 16 أبريل 2010

تأثير التكنولوجيا على القيم

ان تطور التكنولوجيا الهائل في السنوات الأخيرة احدث طفرة قيمية في المجتمعات العالمية شئنا ذلك أم لم نشأ . فقد غدت الشبكة العالمية مصدرا أساسيا للمعلومات ، فيكفيك دقائق معدودة لجمع المعلومات والتعرف على أي موضوع يخطر ببالك عبر التجول في المواقع والمكتبات الإلكترونية .
وبهذا أصبحت الضوابط والقيود على المعلومات أكثر هشاشة سواء كانت على المستوى العائلي أو على المستوى المجتمعي وبالتالي أصبحت التكنولوجيا سيفا ذا حدين مسلطا على رقاب الآباء والأمهات ، فمن جهة لا يستطيع الإنسان اليوم أن يكون مواكبا للتطور العلمي والتقني دون استخدام الشبكة العنكبوتية ، ومن جهة أخرى لا نستطيع ترك أطفالنا لقمة سائغة لأعداء الخير الذين يسخرون هذا الإنجاز والفتح العلمي العظيم للبشرية لتحقيق أهدافهم الربحية الجشعة على حساب المبادىء الأخلاقية للأمم ، فجعلوا من التكنولوجيا شبحا غير أخلاقي.

فهل المشكلة في كيفية استخدام التكنولوجيا أم في التكنولوجيا نفسها ؟ .

للإجابة على هذا التساؤل يحضرني قول الوزير الاسبق لروسيا (كوزيروف) في رده على سؤال هل السياسة قذرة ؟ فقال السياسة لا يمكن أن تكون قذرة بل السياسيون هم الذين يجعلونها قذرة أو نبيلة .
وهنا مع الفارق في التشبيه فالتكنولوجيا يمكن أن تكون أداة نبيلة فعالة لتحقيق أهداف تربوية وخلقية قيمة أن أراد القائمون عليها ذلك .
لكن وفي ظل هذه الأزمة الخلقية التي يعاني منها جميع الأمم أصبحت أمتنا الإسلامية تعاني من انفصام في الهوية الثقافية - فهي من جهة لا تلتزم بالقيم الاسلامية في جميع مناحي الحياة ،ومن جهة أخرى فالأمة لم تنسلخ من الدين كما انسلخت الأمم السابقة ولهذا بقيت الأمانة التي حملتها معلقة بعنقها .
فمن متطلبات القيام بالأمانة يتوجب علينا نحن الآباء والأمهات زرع المفاهيم والقيم الإسلامية في عقول وأذهان أولادنا وبناتنا فكرة وسلوكا ، فالفكرة إن لم تتحد مع التطبيق أو السلوك تبقى فكرة خيالية صماء وكذلك السلوك إن لم ينبع عن فكرة واضحة متأصلة في الأمة ، يبقى تطبيقا أعمى ، وهنا يحضرني قول الله تبارك وتعالى على لسان نبي الله يوسف عليه السلام :

(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ)-(سورة يوسف 108).

أنا أعرف أن هذا ليس سهلاً لأن عملية البناء شاقة وطويلة وعملية الهدم والتخريب سهلة ومُوَفر لها كل الطاقات والأدوات والوسائل ، لكن على الرغم من ذلك تبقى الأمانة التي حملها أبونا آدم عليه السلام حافزاً لنا على السير على طريق الهدى الذي خطه سيدُ ولد آدم محمد صلوات ربي وسلاماته عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار.
إنك لا تستطيع أن تراقب كل حركة وسكنة لأولادك في البيت وفي المدرسة وفي الشارع، فأنت في النهاية رجل عليك مهمات في العمل يجب القيام بها لتوفير احتياجات العائلة ،والمطلوب ليس ذلك لأنه فوق طاقتك، بل عليك بداية أن تغرس فيهم مبادىء الخير وقواعد لضبط السلوك والتصرفات ، أن تكون مراقبا لهم ومرشدا لطريق الهدى  .
وخلاصة القول إن الحل لجسر الهوة القيمية التي أحدثتها التكنولوجيا ليس بتغييب التكنولوجيا نفسها بل يكمن الحل في تطويع هذه التكنولوجيا لخدمة أهدافنا نحن ،باستخدامها في تربية وتعليم الأبناء ،وتثقيفهم وتعليمهم التمييز بين الحلال والحرام الذي علمنا اياه ربنا تبارك وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .








ماهر قرواني

ضرب الأمثال في القرآن


استخدم الله تبارك وتعالى ضرب الأمثال في كتابه المجيد في كثير من الايات ، فالأمثال القرآنية جاءت لتقريب المعاني للعقول وتوضيحها ليزداد الناس فهما وعبرة ، وللأمثال القرآنية أهداف بليغة متنوعة فتارة للترغيب في شيء ما وتارة للتقريع والتخويف من فعل آخر .
والان نحن بصدد مثل ضربه الله سبحانه وتعالى لنصارى نجران حين قدموا الى المصطفى صلى الله عليه وسلم يسألونه عن قوله في المسيح عليه السلام وهذا المثل سيبقى خالداً وناقوسا يدق في أذن من لا يريد أن يقتنع في كيفية خلق المسيح عليه السلام كبشر ،ولنفي صفة الالوهية عنه عليه السلام ففي سورة عمران يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾-( آل عمران: 59)


يقول الشوكاني رحمه الله في كتابه " فتح القدير " في معرض تفسيره لهذه الاية :
شبه عيسى بآدم في كونه مخلوقا من غير أب كآدم ، ولا يقدح في التشبيه اشتمال المشبه به ( آدم ) على زيادة وهو كونه لا أمَ له ولا أب ، وإن كان المشبه به أشد غرابة من المشبه(عيسى) وأعظم عجبا وأغرب أسلوبا .
وقوله تعالى (خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ) جملة مفسرة لما أبهم في المثل: أي أن آدم لم يكن له أب ولا أم بل خلقه الله تعالى من تراب ، وفي ذلك دفع لأنكار من أنكر خلق عيسى دون أب مع أعترافه بخلق آدم من غير أب ولا أم . ثم قوله (ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) أي كن بشرا فكان بشرا . (انتهى كلام الشوكاني)


وهنا أود أن أقول أنه ذكر التراب (حسب فهمي) ولم يذكر الصلصال أو الطين لأن التراب أصل خلق الانسان فأذا كان آدم عليه السلام خلق مباشرة من التراب فأن عيسى عليه السلام يشترك معه في أصل الخلق وهو التراب وذلك ينفي الالوهية عن المسيح لكونه يشترك مع آدم في كونه مخلوقا من تراب، والله أعلم وأحكم .





 
Arabization 3alymni-b