تطرقت إلى ضرب الأمثال في القرآن في موضوع سابق تعلق بتشبيه المسيح عليه السلام بآدم عليه السلام،واليوم سأتناول الصورة في هذه الآية، قال الله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (5، الجمعة).
من حكمِ ضَرْبِ هذا المثل القرآني التقريع والتوبيخ ، إذ إن هذا التشبيه يجعل المرء يتدبر قول الله تعالى مع تخيل صورة حمارٍ يحمل كتباً لا يفقه منها شيئاً،فلا يعمل بما فيها ولا يستفيد منها،وكذلك اليهود فقد أنزل الله عز وجلّ لهم التوراة ليحكموا بها ويديروا شئون حياتهم وفق ما جاء فيها من أحكام شرعية، فلم يفعلوا ذلك وتنكروا لدين الله تبارك وتعالى واتخذوه وراء ظهورهم، فقتلوا فريقاً من الأنبياء وكذبوا فريقاً آخر، فاستحقّوا هذا التشبيه.
وقد يظنّ ظانٌّ أن هذه الآية خاصةٌ باليهود، ولكن مراد هذه الآية-والله أعلم-بيانُ الصورة القبيحة لمن يَتَنكر لدين الله عز وجل، ولحثِّ المسلمين على التمسك بدين الله وكتابه المجيد والعمل وفقَ أحكامه، وعدم التشبه باليهود بترك العمل به، فإن فعلوا فعلَ اليهود كانوا مثلَهم في استحقاقهم لأن يكونوا كالمشبه به (الحمار) في الآية الكريمة.
وفي المرة القادمة إن شاءَ اللهُ تَعالى سأكونُ معكم في مثلٍ قرآنيّ آخَر .