الاثنين، 11 أكتوبر 2010

حُجَجٌ بلا علّة


قرأت البارحة هذه الآيات من سورة الزمر فوقفت عند الحجج التي يتعلل بها الكافرون يوم القيامة ويبررون بها كفرهم بالله الواحد الأحد.والحقيقة أن الذي استوقفني عند قراءة هذه الآيات هو حرف العطف " أو" في الآيتين 57 ،58 .
يقول الله تبارك وتعالى :

وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ *
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتىٰ عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ  . (الزمر  54-59)

  فالحرف " أو " حرف عطف يفيد التخيير والتحيير( أو الابهام) والشك والتقسيم وللإضراب  ويفيد الأباحة والإستثناء، ولكن هنا يفيد التقسيم ، أي تقسيم الكفار من حيث حججهم يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف ،فالسياق يدل على هذا المعنى للحرف .
فأنا أعرف  أن الله سبحانه وتعالى  يعلم قطعاً  ما سيقوله الكفار يوم القيامة من ذرائع وحجج واهية بالتحديد ، ولكن ذكر هنا ثلاثة أصناف لأقوال الكفار، فما الحكمة من ذلك ؟

أقول والله تعالى أحكم وأعلم أن هذه أقوال ثلاث أصناف من الكافرين فالصنف الأول يقول  "أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتىٰ عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ "

والثاني منهم يقول  " أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ  "

والصنف الأخير يقول " أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "

ولكي يحذر الله تعالى الكافر من هذه الذرائع التي يتعلل بإحداها أو بجميعها ، ولبيان أن حجج الكفار واهية وكاذبة وأنها في أصلها تجتمع على علة واحدة مشتركة بينها وهي تكذيب الرسل والاستكبار عن إتباعهم، جاء الرد من الله سبحانه وتعالى على أقوالهم جميعها  بقول واحد فاصل  "  بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ  "   .

                                        والله تعالى أعلم وأحكم

 
Arabization 3alymni-b