استخدم الله تبارك وتعالى ضرب الأمثال في كتابه المجيد في كثير من الايات ، فالأمثال القرآنية جاءت لتقريب المعاني للعقول وتوضيحها ليزداد الناس فهما وعبرة ، وللأمثال القرآنية أهداف بليغة متنوعة فتارة للترغيب في شيء ما وتارة للتقريع والتخويف من فعل آخر .
والان نحن بصدد مثل ضربه الله سبحانه وتعالى لنصارى نجران حين قدموا الى المصطفى صلى الله عليه وسلم يسألونه عن قوله في المسيح عليه السلام وهذا المثل سيبقى خالداً وناقوسا يدق في أذن من لا يريد أن يقتنع في كيفية خلق المسيح عليه السلام كبشر ،ولنفي صفة الالوهية عنه عليه السلام ففي سورة عمران يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾-( آل عمران: 59)
يقول الشوكاني رحمه الله في كتابه " فتح القدير " في معرض تفسيره لهذه الاية :
شبه عيسى بآدم في كونه مخلوقا من غير أب كآدم ، ولا يقدح في التشبيه اشتمال المشبه به ( آدم ) على زيادة وهو كونه لا أمَ له ولا أب ، وإن كان المشبه به أشد غرابة من المشبه(عيسى) وأعظم عجبا وأغرب أسلوبا .
وقوله تعالى (خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ) جملة مفسرة لما أبهم في المثل: أي أن آدم لم يكن له أب ولا أم بل خلقه الله تعالى من تراب ، وفي ذلك دفع لأنكار من أنكر خلق عيسى دون أب مع أعترافه بخلق آدم من غير أب ولا أم . ثم قوله (ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) أي كن بشرا فكان بشرا . (انتهى كلام الشوكاني)
وهنا أود أن أقول أنه ذكر التراب (حسب فهمي) ولم يذكر الصلصال أو الطين لأن التراب أصل خلق الانسان فأذا كان آدم عليه السلام خلق مباشرة من التراب فأن عيسى عليه السلام يشترك معه في أصل الخلق وهو التراب وذلك ينفي الالوهية عن المسيح لكونه يشترك مع آدم في كونه مخلوقا من تراب، والله أعلم وأحكم .